
السمنة…مرض يفتك بصمت
السمنة…مرض يفتك بصمت
بقلم
د. جمال الدباس
في العقود الماضية، كان ينظر إلى السمنة بوصفها مسألة مظهر . لكنها اليوم، وبالإجماع الطبي، أصبحت تصنف كمرض مزمن قاتل، له جذور معقدة وتأثيرات واسعة النطاق على الجسم والعقل معا.
فقد أثبتت الدراسات بما لا يدع مجالا للشك أنها أحد أقوى المحركات الخفية لأمراض العصر القاتلة:
– داء السكري
– ارتفاع ضغط الدم
– أمراض انسداد الشرايين التاجية
– قصور القلب
– انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم
– الارتجاع المريئي والتهاب المفاصل المزمن
– وحتى الضعف الإدراكي وتسارع الشيخوخة البيولوجية
– بعض أنواع السرطان:
وهناك ارتباط قوي ومؤكد بما يلي (Strong association) :
1. سرطان بطانة الرحم (الرحم)
2. سرطان المريء (النوع الغدي)
3. سرطان القولون والمستقيم
4. سرطان الكلى
5. سرطان الكبد
6. سرطان الثدي (خاصة بعد سن اليأس)
7. سرطان المرارة
أضافه إلى ارتباط متوسط مع مثل هذا العدد تقريبا من السرطانات الأخرى (Moderate association)
وهذه الارتباطات مع السرطان نتيجه زيادة الالتهابات المزمنة في الجسم، ما يخلق بيئة مواتية لنمو الخلايا السرطانية.
• اضطراب في الهرمونات مثل الإستروجين والإنسولين، مما يعزز من انقسام الخلايا غير الطبيعي.
• تغيّرات في عوامل النمو (مثل IGF-1) التي تسرّع نمو الأورام
ما يحدث داخل الجسم في حالة السمنة هو ما يشبه “اختلال نظام كامل”، يبدأ بتغيرات هرمونية واضطراب في مقاومة الإنسولين، ويمتد ليشمل التهابات مزمنة خفية، واضطرابات في دهون الدم، وتصلبا مبكرا في الشرايين، وزيادة التحميل على القلب والرئتين والمفاصل.
وقد جاء الموقف الصادر حديثًا عن الكلية الأميركية لأمراض القلب (ACC) ليشكل نقطة تحوّل مهمة:
ففي دليلها الجديد المنشور في Journal of the American College of Cardiology – June 20, 2025، أوصت بأن تعامل السمنة كحالة طبية أولية تستحق التدخل العلاجي منذ البداية، وليس بعد فشل الحمية والرياضة فقط.
اللافت في هذا التحديث أن الأدوية مثل سيماجلوتايد (Wegovy, Ozempic) وتيرزيباتايد (Zepbound, Mounjaro)، التي كانت تُستخدم سابقًا لعلاج السكري، أصبحت تعتبر اليوم من الأدوات الفعالة في تقليل الوزن ومخاطر القلب في آن معا. بل وُصفت بأنها تفتح بابا جديدا في الوقاية والعلاج.
ارجو الاشاره أن الوقاية من أمراض القلب تبدأ من إدارة الوزن، وأن السمنة حالة طبية معقدة تستدعي التعامل معها بالعلم لا باللوم، وبالفريق الطبي المتكامل والوعي لا بالحلول الفردية العشوائية.
إن هذا المقال ليس دعوة للدواء فقط، بل للتوعية والفحص المبكر، ولأن نعيد النظر في نمط حياتنا من جذوره، من الطعام إلى النوم، من الحركة إلى ضبط التوتر.
ولمن يرغب في التوسع، ننصح بالاطلاع على المقال الطبي الكامل حول توصيات الكلية الأميركية لأمراض القلب، المنشور في 20حزيران:
JACC – June 20, 2025.
https://www.jacc.org/doi/10.1016/j.jacc.2025.05.024
وهكذا السمنة ليست رقما على الميزان… بل مؤشر إنذار مبكر لمرض القلب القادم. فلنأخذها على محمل الجد، قبل أن تجبرنا على ذلك.