السياق التاريخي لاستخدام الاسبرين في الطب
في السابق، كان يُنصح كل شخص فوق سن الخمسين بتناول جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا. الآن، يُنصح الكثيرون بالتوقف عن تناوله. فما الذي يحدث؟
تغيرت توصياتنا بشأن الأسبرين بوتيرة متسارعة.
الأجيال الشابة لا تدرك ما كان الوضع عليه في الثمانينيات، حيث لم يكن الأسبرين يوصف بشكل عام للمرضى. والواقع ان هذه التوصيات بدأت فقط في عام 1988، وهو العام الذي شهد حدثًا هامًا؛ حين شهد نشر دراسة “ISIS-2” التي أظهرت لأول مرة فائدة الأسبرين في خفض الوفيات بعد احتشاء عضلة القلب.
إعطاء الأسبرين للمرضى خلال أو بعد النوبة القلبية أمر غير قابل للجدل وبت فيه ؛ إذ يعتبر وقاية ثانوية، أي علاج المرضى بعد إصابتهم.
الجدل في الوقاية الأولية فقط ، وهي علاج الأشخاص الاصحاء قبل تعرضهم لأزمة صحية، وهي مسألة أكثر تعقيدًا.
إحدى المشكلات في ذلك التباين في نصيحه اخذ الاسبرين كوقايه اوليه للاصحاء ؟
ومشكله اخرى الجرعات المستخدمة؟. جرعة 81 ملغ من الأسبرين، التي أصبحت شائعة، هي نتيجة لتقليد قديم في نظام الوزن الصيدلاني. حيث كانت الجرعة القياسية 325 ملغ، وتم اعتماد ربع هذه الجرعة لتصبح 81 ملغ.
حاول الباحثون تجريب عده جرعات مختلفة من الأسبرين للوقاية، إذ استخدمت دراسة “Physicians’ Health” جرعة كاملة 325 ، بينما اختبرت دراسة “HOT” جرعة 75 ملغ يوميًا،
الواقع أن السياق الصحي تغير؛ في الثمانينيات والتسعينيات كان التدخين أكثر انتشارًا، ولم تكن لدينا الأدوية المتقدمة التي نملكها اليوم. ومع تقدم الأدوية وتحسن نمط الحياة، أصبحت الفوائد المحتملة للأسبرين في الوقاية الأولية أقل وضوحًا من هنا يمكن تفسير الفروقات .
في تحليل دقيق عام 2019 نُشر في مجلة JAMA، تبيّن أن الأسبرين يساهم في تقليل بعض المخاطر القلبية. إذ انخفضت النسبة من 65.2 إلى 60.2 حالة لكل 10,000 سنة مريض.
ال
المأساة الحقيقية هي تمسك الجمهور بفكرة أن على كل شخص فوق الخمسين تناول الأسبرين. حتى اليوم، رغم التوصيات بعدم استخدامه للوقاية الأولية منذ فترة، أظهرت بيانات المسح الوطني للصحة أن نحو واحد من كل ثلاثة من كبار السن يتناول الأسبرين للوقاية الأولية دون حاجة. هذا عدد كبير من الأشخاص.
النقطة هنا ليست دحض فوائد الأسبرين؛ فهو يعمل بالفعل. إلا أن فوائده ضئيلة للغاية في الوقاية الأولية وتُقابلها مخاطر النزيف الطفيفة، ما يجعل الفائدة النهائية محدودة.
د جمال الدباس