زراعة القلب: قصة تطور طبي مدهشة
زراعة القلب: قصة تطور طبي مدهشة
زراعة القلب تُعد من أعظم إنجازات الطب الحديث، خاصة لمرضى فشل القلب في مراحله النهائية. على مدار عقود، تطورت هذه العملية بشكل مذهل، بفضل التقدم في الجراحة، وفهم المناعة، وتقنيات حفظ الأعضاء ونقلها، مما زاد من فرص البقاء وجودة الحياة للمرضى.
البدايات:
• بدأت زراعة القلب بتجارب على الكلاب والرئيسيات، ما ساعد في تطوير تقنيات الجراحة ومواجهة رفض الجسم للأعضاء المزروعة.
• أول محاولة بزراعة قلب شمبانزي لإنسان كانت عام 1964، وتلتها أول عملية ناجحة بين إنسان وآخر عام 1967 على يد الدكتور كريستيان برنارد في جنوب أفريقيا.
• رغم أن المريض توفي بعد 18 يومًا، إلا أن العملية أثبتت أن زراعة القلب ممكنة، وأثارت اهتمامًا عالميًا كبيرًا.
تحديات المناعة:
• في البدايات، كانت نسب الرفض مرتفعة ونسب البقاء منخفضة، ما أدى إلى تراجع الحماس.
• اكتشاف دواء السيكلوسبورين في السبعينيات غيّر المسار، وقلّل من الرفض الحاد ورفع نسبة النجاة إلى أكثر من 80%.
• لاحقًا، طُورت أدوية أكثر فاعلية مثل تاكروليموس والعلاجات المناعية الموجهة للخلايا التائية والبائية.
مراقبة الرفض:
• تطورت وسائل كشف رفض العضو المزروع من مجرد الفحص الإكلينيكي إلى تقنيات متقدمة، مثل:
• الخزعة القلبية (bioptome): لفحص نسيج القلب.
• تحليل التعبير الجيني (GEP): لتقييم نشاط الرفض من دم المريض.
• الحمض النووي الخلوي الحر (dd-cfDNA): وهو مؤشر مبكر لرفض العضو.
• الميكروسكوب الجزيئي : لتحليل حالة القلب المزروع عبر التعبير الجيني الدقيق.
التبرع بعد توقف الدورة الدموية:
ملاحظة توضيحية: التبرع بعد الوفاة القلبية (DCD)
هي تقنية حديثة تعتمد على التبرع بالأعضاء من المرضى الذين تم إعلان وفاتهم بعد توقف القلب والدورة الدموية، وليس فقط بعد الوفاة الدماغية.
بواسطة أنظمة متطورة مثل التروية الإقليمية بدرجة حرارة الجسم، يتم إعادة ضخ الدم المؤكسج إلى القلب داخل جسم المتبرع بعد الوفاة (دون ضخّه إلى الدماغ)، بهدف إنعاش القلب وتقييمه قبل نقله للزراعة.
هذه التقنية ساعدت بشكل كبير في زيادة عدد القلوب المتاحة للزراعة، لكنها ما زالت تُناقش من الناحية الأخلاقية والطبية وتُطبق وفق بروتوكولات صارمة في مراكز متخصصة
حفظ ونقل القلب:
• تم الانتقال من حفظ القلب بالتبريد التقليدي إلى أنظمة متقدمة، مثل:
• جهاز OCS Heart: يحافظ على القلب في حالة شبه طبيعية أثناء النقل.
• نظام SherpaPak: نظام ذكي للتبريد بدون جليد مع مراقبة حرارية دقيقة، مما حسّن نتائج الزراعة.
تاريخ زراعه القلب في الأردن :
شهدت المملكة الأردنية الهاشمية تطورًا ملحوظًا في مجال زراعة القلب، حيث كانت من الدول الرائدة في هذا المجال على مستوى الشرق الأوسط.
البدايات والإنجازات الأولى
في 9 أغسطس 1985، أُجريت أول عملية زراعة قلب ناجحة في الأردن والعالم العربي في مركز الملكة علياء لأمراض وجراحة القلب بمدينة الحسين الطبية. قاد هذه العملية الفريق الطبي بقيادة الدكتور داود حنانيا والدكتور يوسف القسوس و الدكتور بسام العكشه. وبهذا الإنجاز، أصبح الأردن أول دولة في الشرق الأوسط وسابع دولة في العالم تنفذ مثل هذه العملية بنجاح.  
استمرارية التطوير والنجاحات
على مدار خمسين عامًا، أُجريت في الأردن 14 عملية زراعة قلب ناجحة، وفي عام 1998 اجريت اول زراعه للقلب والرئه معا ، مما يعكس التقدم المستمر في هذا المجال. وفي عام 2013، قررت الخدمات الطبية الملكية إعادة إحياء برنامج زراعة القلب، حيث تم تدريب عدد من الأطباء في بريطانيا على أحدث التقنيات الجراحية. وفي عام 2018، أُجريت عملية زراعة قلب ناجحة لمريض يبلغ من العمر 27 عامًا، والمتبرع كانت طفله توفيت دماغيا بحادث سير وتبرع والدها بأعضاء انقذت ثمانيه مرضى ، مما يعكس التزام الأردن بتقديم رعاية طبية متقدمة.  
التميز الإقليمي والدولي
يُعتبر الأردن من المراكز المتقدمة في المنطقة، حيث يتمتع بخبرة واسعة في إجراء العمليات الجراحية المعقدة، بما في ذلك زراعة القلب. وقد ساهمت هذه الإنجازات في تعزيز مكانة الأردن كمركز طبي متميز في الشرق الأوسط. 
من خلال هذه الجهود المستمرة، يواصل الأردن تقديم خدمات طبية متقدمة في مجال زراعة القلب، معتمدًا على الكوادر الطبية المؤهلة والتقنيات الحديثة، مما يساهم في تحسين جودة الحياة للمرضى الذين يعانون من أمراض القلب المتقدمة.
الخلاصة:
من تجارب بدائية على الحيوانات، إلى تقنيات دقيقة تعتمد على تحليل الجينات والحمض النووي، تطورت زراعة القلب بشكل كبير وأصبحت أملًا حقيقيًا للمرضى في مراحله المتقدمة. المستقبل يعد بالمزيد من التحسينات في النجاح، الأمان، وتوسيع قاعدة المتبرعين.
المصدر
https://journal.houstonmethodist.org/
د جمال الدباس .
