
هل آن الأوان لإعادة ضبط أرقام الضغط لدى مرضى السكري؟
هل آن الأوان لإعادة ضبط أرقام الضغط لدى مرضى السكري؟
د. جمال الدباس
في كل عام، تظهر أبحاث جديدة تُعيد تشكيل فهمنا لما هو “المناسب” في علاج ضغط الدم لدى مرضى السكري. لكن دراسة حديثة كُشف عنها مؤخرًا، قد تكون نقطة تحوّل فعلية في هذا الملف الشائك.
الدراسة التي أُجريت في الصين على أكثر من 12,000 مريض بالسكري من النوع الثاني، جميعهم فوق سن الـ50 ويعانون من خطر مرتفع للإصابة بأمراض القلب، قارنت بين مجموعتين:
• الأولى عولجت لاستهداف ضغط دم أقل من 120 ملم زئبق (الضغط الانقباضي)،
• والثانية بهدف أقل من 140 ملم زئبق، وهو الهدف التقليدي المعروف.
النتائج؟ بدأت الفروق في الحدوث بعد عام واحد فقط، وانتهت بتفوق واضح للمجموعة الأولى في تقليل النوبات القلبية، الجلطات، فشل القلب، والوفيات المرتبطة بالقلب.
لكن ما يُميز هذه الدراسة ليس فقط حجمها أو دقتها، بل أيضًا الطريقة المحكمة لقياس الضغط: تم منع القهوة والتدخين والجهد البدني قبل القياس، وأُجري بشكل صامت ومنتظم، مما يمنحنا نتائج أقرب إلى الواقع السريري المثالي.
ورغم أن المجموعة ذات الضغط الأخفض استخدمت أدوية أكثر قليلًا، إلا أن معدل المضاعفات الخطرة كان متقاربًا بين المجموعتين، مع ارتفاع طفيف في أعراض الهبوط أو ارتفاع البوتاسيوم في المجموعة المكثفة.
هل نُغيّر هدفنا كأطباء؟
بصفتي طبيب قلب، لطالما كنت مترددًا في خفض ضغط الدم بشكل كبير لدى مرضى السكري خشية الأعراض الجانبية. لكن هذه الدراسة تقودني لمراجعة هذا التردد.
فالفارق بين ضغط 133 و120 ملم زئبق يبدو بسيطًا، لكنه – وفقًا لهذه النتائج – قد يعني فرقًا بين الحياة والموت لدى البعض.
خلاصة القول:
التحكم في ضغط الدم ليس مجرد رقم على جهاز القياس، بل هو أداة لحماية القلب والدماغ والكليتين. هذه الدراسة قد تكون بداية لتوصيات جديدة، وربما مرحلة جديدة في علاج مرضى السكري.
لكن، وكما هو الحال في كل تغيير طبي، يظل المبدأ الثابت هو:
العلاج يجب أن يُفصّل على مقاس المريض… لا على مقاس الأرقام فقط.