
الطب والجيولوجيا: مفارقات بين استكشاف الجسد والأرض!
الطب والجيولوجيا: مفارقات بين استكشاف الجسد والأرض!
لطالما اعتبر الطب والجيولوجيا مجالين منفصلين، أحدهما يهتم بأعماق الأرض وتاريخها، والآخر يغوص في أعماق الجسد وتاريخه المرضي لفهم أمراضه وعلاجه. ومع ذلك، يكشف التطور العلمي عن مفارقات مذهلة بين الطريقتين، حيث نجد أن التقنيات المستخدمة في التشخيص الطبي صارت أدوات تُستخدم في استكشاف الأرض والجيولوجيا، والعكس صحيح.
في هذا المقال، سأستعرض كيف أن التصوير الجيولوجي الحديث، مثل الرادار ذي الفتحة الاصطناعية (SAR)، لم يعد مجرد أداة لاستكشاف الأهرامات وكشف البنى الجوفية، بل أصبح أيضًا تقنية تُستخدم في تشخيص أمراض الرئة.
1- التصوير العميق: بين استكشاف باطن الأرض وتشخيص الرئتين
في علم الجيولوجيا، يستخدم الرادار ذو الفتحة الاصطناعية (SAR) لدراسة الطبقات الجوفية للأرض واكتشاف الهياكل المدفونة، كما حدث في دراسة هرم الحيزة، حيث تمكن الباحثون من “رؤية” داخل الهرم وتحليل الفراغات الداخلية دون الحاجة إلى الحفر.
أما في الطب، فهناك تقنية مشابهة تُستخدم في التصوير الرئوي عير المسبار (Probe)، حيث يتم توجيه موجات ميكرووية منخفضة الطاقة عبر الصدر، ثم تحليل الموجات المنعكسة لتحديد مناطق تراكم السوائل، تماما كما يتم الكشف عن الفراغات داخل الأهرامات باستخدام SAR.
مقارنة بين المجالين:
• في الجيولوجيا: يتم تحليل الموجات الزلزالية أو الرادارية لفهم ما هو غير مرئي تحت الأرض.
• في الطب: يتم تحليل الموجات الصوتية أو الكهرومغناطيسية لتشخيص الأمراض المخفية داخل الجسم
2- الهياكل الصلبة والسوائل: من الصخور إلى الأنسجة الرخوة
تتكون الأرض من طبقات صلبة متراكمة مع وجود فراغات أو جيوب هوائية بين الصخور، وهو ما يستغله العلماء لاكتشاف الكهوف أو الممرات المخفية باستخدام التصوير الراداري.
وبالمثل، تتكون الرئتان من نسيج إسفنجي رخو، وعند حدوث تراكم للسوائل، يختلف نمط انعكاس الموجات المستخدمة في التصوير، مما يسمح للأطباء بتحديد المناطق المصابة بدقة.
• في الجيولوجيا: الفراغات في الصخور تكشف عن كهوف أو ممرات أثرية.
• في الطب: الفجوات الممتلئة بالسائل تكشف عن الوذمة الرئوية أو الالتهابات.
3- الشفافية العلمية: عندما يصبح الحجر والجسد شفافين
عند تحليل الاهتزازات الدقيقة التي تمر عبر هرم خوفو، اكتشف العلماء أن الهيكل يصبح “شفافًا” عند فحصه بترددات معينة، مما يسمح برؤية مكوناته الداخلية دون الحاجة إلى فتحه فعليا.
الأمر نفسه ينطبق على التصوير الطبي الحديث، حيث يمكن باستخدام الرنين المغناطيسي أو الموجات الميكرووية رؤية الأعضاء الداخلية دون الحاجة إلى الجراحة، مما يجعل الجسد البشري “شفافًا” أمام التقنيات الحديثة.
• في الجيولوجيا: التقنيات الحديثة تجعل الصخور والآثار شفافة لرؤية ما بداخلها.
• في الطب: التصوير الطبي يجعل الجسد شفافًا لفهم الأمراض دون الحاجة إلى تدخل جراحي.
4- المستقبل: كيف يمكن للجيولوجيا أن تلهم الطب والعكس؟
التشابه بين الطب والجيولوجيا لا يقتصر على الأدوات فقط، بل يمتد إلى المناهج التحليلية. فمثلما يحلل علماء الجيولوجيا حركات القشرة الأرضية للتنبؤ بالزلازل، يعمل الأطباء على تحليل الإشارات الحيوية للتنبؤ بالمشكلات الصحية قبل حدوثها، مثل اكتشاف علامات قصور القلب المبكر من خلال تحليل معدل تراكم السوائل في الرئة.
تطبيقات مستقبلية مشتركة:
• تحليل الهياكل العظمية البشرية بنفس تقنيات تحليل الصخور، ما قد يحسن فهم هشاشة العظام وأمراض المفاصل.
• استخدام التصوير الميكروي في فحص الأنسجة الرخوة بنفس الطريقة التي يتم بها تحليل التكوينات الأرضية.
• تقنيات استكشاف المعادن والمياه الجوفية قد تساعد في تطوير أدوات جديدة لتصوير الأوعية الدموية والجهاز الليمفاوي
وهكذا فإن العلم جسر بين الأرض والجسد
ما كان يُعتقد سابقًا أنه مجالان منفصلان – الجيولوجيا والطب – أصبحا الآن مرتبطين أكثر من أي وقت مضى بفضل التكنولوجيا. فالتقنيات التي نستخدمها لفهم الأرض تساعدنا الآن على فهم الجسد البشري، والعكس صحيح. وهذا يدل على أن الحدود بين العلوم بدأت تتلاشى، مما يفتح آفاقًا جديدة للاكتشافات المستقبلية التي قد تغير فهمنا لكلا المجالين!
https://www.facebook.com/share/15tgNC3w15/?mibextid=wwXIfr
https://www.mdpi.com/2072-4292/14/20/5231