
العمل لساعات طويلة لا يتعبك فقط… بل يُعيد تشكيل دماغك!
العمل لساعات طويلة لا يتعبك فقط… بل يُعيد تشكيل دماغك!
في زمن يقاس فيه النجاح بعدد الساعات التي تقضيها في العمل، تطلق دراسة علمية حديثة تحذيرا من العيار الثقيل: الإفراط في العمل لا يرهقك فقط، بل قد يغير تركيبة دماغك نفسها.
في بحث مثير نشر في مجلة Occupational and Environmental Medicine، كشف علماء من جامعة “تشونغ أنغ” في كوريا الجنوبية ، أن العمل لساعات طويلة يتجاوز 52 ساعة أسبوعيا قد يحدث تغيرات واضحة في بنية الدماغ، وتحديدا في المناطق المسؤولة عن التنظيم العاطفي والوظائف التنفيذية.
التصوير بالرنين المغناطيسي يفضح ما لا نراه
لأول مرة، اعتمد الباحثون على أدلة تصوير عصبي (MRI) لفحص تأثير الإجهاد المهني المزمن.
تم اختيار 110 من العاملين في القطاع الصحي، وقسموا إلى مجموعتين:
• الأولى تعمل أقل من 40 ساعة أسبوعيًا.
• الثانية تعمل أكثر من 52 ساعة.
النتائج كانت صادمة: ازدياد في حجم 17 منطقة دماغية لدى المجموعة المجهدة، أبرزها المناطق التاليه التي ترتبط مباشرة بالتفكير المعقد، والسيطرة على الانفعالات، واتخاذ القرار.
:
1-الفص الجبهي الأوسط الأيسر (بنسبة 19%)
2-الجزيرة (insula)
3-التلفيف الصدغي العلوي
هل هي تغييرات تكيفية… أم بداية الانهيار؟
الدراسة لم تحسم بعد ما إذا كانت هذه التغيرات الدماغية مؤقتة تكيفية أم أنها تمهيد لمشاكل أكثر خطورة على المدى البعيد، كالاكتئاب، القلق، أو حتى التدهور المعرفي.
لكن ما يُجمع عليه الباحثون هو أن هذه التغيرات ليست عادية، وتستدعي مراجعة جذرية لثقافة العمل القائم على “الإنهاك كفخر”.
دعوة لإعادة تعريف النجاح
قال الباحثون في ختام دراستهم:
“تشير النتائج إلى أن العمل لساعات مفرطة قد يسبب تغيّرات عصبية تؤثر على الصحة العاطفية والمعرفية. على صناع السياسات أن يعوا أن الإفراط في العمل ليس فقط خطرًا مهنيًا، بل خطر على الدماغ نفسه.”
فهل آن الأوان أن نعيد تعريف النجاح؟ وأن نكف عن تمجيد من لا يعرف الراحة؟
ربما حان الوقت لنفهم أن الإنجاز الحقيقي لا يُقاس بعدد الساعات، بل بجودة الحياة.
المصدر:
Wanhyung Lee et al.
Occupational and Environmental Medicine, May 2025